/ الْفَائِدَةُ : (36) /
22/03/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / مُصْطَلَح : ( الجسم ) / لمُصْطَلَح : (الجسم) أَكثر من إِطلاق. أَحدها : ما يُستعمل في العلوم الطبيعيَّة؛ فإِنَّه يُطلق ويُراد به: الطَّاقة المُتكثِّفَة (الغليظة). وعليه: فتكون الطَّاقات ـ سواء كانت صوتيَّة أَو إشعاعيَّة أَو ضوئيَّة أَو مغناطيسيَّة او كهربائيَّة أَو غيرها ـ مُجَرَّدة وخارجة عن حَيِّز الجسم والجسميَّة. إِذَنْ : يُطلق مصطلح (الجسم) لدىٰ أَصحاب علم الفيزياء وسائر العلوم الطبيعيَّة ويُراد منه: المخلوقات الماديَّة صاحبة المادَّة الغليظة فحسب. بخلاف المخلوقات المادِّيَّة اللَّطيفة؛ فإِنَّها قوىٰ وطاقات مُجرَّدة؛ وليست من عَالَم الأَجسام. الآخر: ما يُستعمل في البحوث العقليَّة ـ كالفلسفيَّة والكلاميَّة ـ؛ فإِنَّه يُطلق ويراد به: صاحب الأَبعاد الثَّلاثة ـ الطول والعرض والعمق (الإرتفاع) ـ . إِذَنْ : يُطلق مُصطلح الجسم لدىٰ أَصحاب العلوم العقليَّة ـ كعِلْمِ : الفلسفة، والكلام، والعرفان ـ على جملة المخلوقات المُتَّصفة بـ: الكم والطول والعرض والعمق الجوهري، والكم والطول والعرض والعمق العرضي. ومرادهم من (العمق الجوهريّ): ثخن الجوهر. وعليه: فيشمل مُصطلح (الجسم) ـ بحسب هذا الاِصطلاح ـ إِضافة للمخلوقات صاحبة المادَّة الغليظة ـ يشمل أَيضاً ـ القوىٰ والطاقات، كـ: النَّار والهواء والكهرباء والمغناطيس وكافَّة أَنواع الأَشعَّة ؛ لأَنَّ للجميع مجالاً ومدىً وطولاً وعرضاً وعمقاً ومادَّةً لطيفةً غير مرئيَّةٍ. إِذَنْ: المجال المغناطيسي وما شاكله يعني: أَبْعادًا؛ فتكون أَجساماً باصطلاح لغة العقل. وعليه: تكون الطَّاقة ـ سواء كانت صوتيَّة أَو إشعاعيَّة أَو ضوئيَّة أَو مغناطيسيَّة او كهربائيَّة أَو غيرها ـ جسماً؛ لأَنَّ لها: طولاً وعرضاً وارتفاعاً ومجالاً وبُعداً ومَدًى. ومنه يَتَّضح: بيان قوله تعالىٰ : [اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا](1)؛ فإِنَّه دالٌّ بمفهومه على وجود أَعمدة رافعة للسَّماوات، لكنَّها لا تُرَىٰ بالعين المُجَرَّدة، وهي أَنواع من الطَّاقات السَّابحة في الفضاء، والَّتي لَمْ يُكتَشَف منها إِلى الآن إِلَّا النَزْرِ اليسير، ومع هذا ولَّدت تلك الاِنْفِجَارَات العِلْمِيَّة الهائلة. وهذه الطَّاقات قد تتركَّب منها طاقات أُخرى. هذا وقد وقع العلَّامة الطباطبائي في نهاية الحكمة ـ بحث الماهيَّة والجنس والفصل ـ في غفلة، وخلط بين الاِصطلاحين، فقد جعل المادَّة في قبال الجوهر الجسماني، ومن ثَمَّ جعل الطَّاقات خارجة عن مقولة الأَجسام ، وهذا لا يُناسب اِصطلاح أَصحاب العلوم العقليَّة، وإِنَّما يناسب اِصطلاح أَصحاب العلوم الطبيعيَّة. فالتفت . وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الرعد: 2